بلاك فرايداي، أوكازيون الكريسماس، تخفيضات نهاية الموسم وبدايته ومنتصفه. إيه السبب أن هناك أوكازيون بين كل اتنين أوكازيون. للوهلة الأولى يبدو الأمر أن الأوكازيون وسيلة للتخلص من البضاعة الزائدة. لكن لو هذا حقيقي فمن الفترض أن في الموسم التالي مديرو المشتريات يضبطوا توقعاتهم ويطلبوا بضائع بحجم المبيعات. في الواقع الأوكازيون والبيع المخفض يكون جزء من خطة التسويق في البداية ومعروف أن البضاعة ستباع بسعر قليل. وهذا تطبيق لمبدأ التفرقة السعرية Price Discrimination.
حلم كل تاجر أنه يبيع المنتجات باقصى سعر كل زبون مستعد يدفعه على حدة. حسب ما يسمى الحساسية السعرية لكل زبون. لكن البائع لا يستطيع أن يسأل كل مشتري كم مستعد أن يدفع مقابل السلعى فدائما يبحث عن طرق يفرق بينهم بدون ما يسألهم مباشرة. الأوكازيون هو إحدى هذه الطرق. تريد السلعة أول ما تنزل ولا يفرق معك السعر إدفع السعر الكامل. غير مستعد تدفع السعر الكامل انتظر وقت أطول وأيضا تحمل مخاطرة إنك لا تجد المقاس أو الموديل المطلوب.
هناك أمثلة كثيرة لنفس المبدأ لكن أقل وضوحا. معالجات الكمبيوتر من إنتل تتوفر بسرعات مختلفة لنفس الطراز. سيكلفهم الكثير أن يغيروا خط لإنتاج لكل سرعة. هو نفس المعالج ولكن يتم إختيار الأقل جودة أو ضبطه في المصنع على سرعة مختلفة بعد التصنيع وتغليفه على هذا الأساس. سلاسل السوبرماركت الكبيرة يكون عندها منتجات باسمها كمنظفات ومأكولات وبطاريات ومستلزمات للبيت. أحيانا هذه المنتجات تأتي من نفس مصانع الماركات الشهيرة لكنها تباع على الرف بسعر أقل. في النهاية بيعطيك نفس المنتج بسعر مختلف حسب حساسيتك السعرية. هناك من يفضل الماركة الشهيرة وهناك من يحب التوفير. لكن في هذه الحالة هناك مخاطرة أن يتسرب المشترون ذوي الحساسية المنخفضة (الذين لا يفرق معهم السعر) للمنتجات الرخيصة إذا كان المنتج مماثلا تماما. ولهذا يلجأ بعض المنتجون لجعل المنتج الأرخص اقل جاذبية وبتغليف أقل جودة عمدا ليحصره في المشترين الباحثين عن التوفير.
في إحدى السينمات في بوخاريست كان هناك صفين في المنتصف “في أي بي” أغلى بحوالي 30 في المائة. الفرق الوحيد أن الكراسي جلد اسود بدلا من قطيقة حمراء. بالتأكيد جودة المشاهدة والراحة في الصف الذي امامهم أو خلفهم مماثلة ولكنه تطبيق لنفس المبدأ. يعطيك ميزة بسيطة تبرر سعر أعلى. وأخيرا، في رحلات الطيران القصيرة تكون درجة رجال الأعمال غالبا مماثلة في المقعد للدرجة السياحة. المزايا الإضافية هي الصعود غلى الطائرة أولا وطعام مختلف وأن المقعد المجاور يظل فارغا. يرى البعض أن هذه المزايا لا تستحق أن تكون التذكرة بضعف الثمن أو أكثر. وأن شرائها سفه ويجب أن يعامل الجميع بالمثل. لكن الواقع أن بيع بعض الكراسي بضعف ثمنها يدعم بصورة غير مباشرة الكراسي الأرخص ويتيح للشركة عرضها بسعر أقل. ولو تخلت الشركات عن التفرقة السعرية والأوكازيونات وطبقت سعر واحد لجميع السلع والخدمات حتما سيكون هذا السعر أعلى من السعر الحالي حين يخفض.
وفي النهاية إذا سألت فكهاني أو بائع بسيط عن سعر سلعة ونظر إليك ليقيم كم يطلب مقابلها لا تشعر بالخديعة وتغضب منه كثيرا فهو يفعل ما تفعله الشركات الكبرى ولكن ليس لديه نفس إمكانياتهم.
مقال ممتاز
(الأوكازيون في أغلب الاوقات هو أفضل فرصة لتشريع ما لا تحتاجه )
شكرا لك 🙂
ماشاء الله عليك مقال ممتاز
أشكرك 🙂